الخميس، 11 يونيو 2009

بالواسطة
بعد نجاح رمضان حسونة في القيام بدوره واثبات وجوده ، عمد منصور على امداد جودت بأخرين ليعملوا معه ، كان يعتبر انه يقدم بذلك خدمات لصديقه جودت و أن له موهبة في أختيار الموظفين يوظفها لصالح صديقه ، محاولا ان يملأ الأماكن الشاغرة حول جودت باشخاص من طرفه ، وفي جلسة مسائية بالمركب (القراصنة) حضر منصور برفقته صديقه سامي الأمير وبعد التعارف وتبادل المجاملات بين جودت وسامي أخبره منصور ان سامي هو المدير الأداري الذي سبق وحدثه عنه ، سامي الأمير رجل وسيم جدا وطويل القامة يشبه في هيئته وطوله وبنيانه القوي الشخصيات العامة خاصة في زيه الرسمي ، أحتل الصلع مساحة كبيرة من رأسه ، متحدث لبق يجيد العلاقات العامة وبعد نصف ساعة بدا وكأنه يعرف جودت منذ زمن طويل ، لم يعجب خبر تعيين سامي مدير اداري الكثيرين ومنهم رمضان الذي سوف يكون تابعا له ، فلقد أقتنع جودت برأي منصور في أن الشركة تنمو وتحتاج لواجهة في التعامل مع المصالح والجهات المختلفة ، سامي كان رجل هوائي يعتمد على الشكل والمظهر الخارجي و علاقاته الكثيرة في تسويق نفسه و هذه الوظيفة نجح في الحصول عليها من خلال علاقته بمنصور بينما امكانياته الشخصية في العمل كانت متواضعة جدا ، ليس له في الحياة اي مبدأ فهو نذل حتى النخاع لا يستقر في مكان ولا يستمر في عمل ، هدفه الأول جمع المال بدون مجهود لذلك تزوج من طليقته العربية طمعا في مالها ثم تخلصت منه بعد ان أدركت نيته لكن كان هناك طفل ثم تزوج من أخرى وهكذا، حاول أن يسيطر على رمضان ويستغله لكن رمضان لفظه بعنف مما زرع بينهما حالة من الكراهية والصراع المتصاعد انتهت بأعتداء سامي على رمضان بالحذاء في احدى سهرات العمل أمام جمهرة من الموظفين والمقاولين و في حضور جودت نفسه ، أستاء جودت جدا من تصرفات سامي وبدأ يضيق به خاصة وان سامي كان كثير التمارض ودخول المستشفى واجراء العمليات مما جعله يتخلف كثيرا عن العمل ، لقد أنفق كثيرا من شبابه على ملذات الحياة وملاهيها من الخمور والمخدرات و النساء منذ ان كان بالجامعة وبدون توقف وحين بلغ الخمسين من عمره بدأ يدفع فاتورة ذلك دفعة واحدة ، تعالت الأصوات داخل الشركة معترضة على هذا الوضع فالرجل يقضي نصف الشهر بالمستشفى و كأنه أدخر كل الفحوص والعمليات حتى يعين بهذه الشركة بينما يحصل على مرتبه كاملا وفي بعض الأحيان يمكث شهرا كاملا ، صدى الأحتقان كان يصل لجودت عبر موصلات جيدة ، عارف فهيم كان حانقا على هذا الوضع فهو يقوم بكل العمل الأداري والمالي في غياب سامي بينما سامي يحصل على مرتبه كاملا وهو طريح الفراش ، قرر جودت الأستغناء عن خدماته لكن بعد تدخل منصور عدل عن ذلك بنقله للمصنع الجديد بـ6 اكتوبر كمسئول مبيعات ، خرج سامي و تسلم عمله الجديد بالمصنع و علم بما فعله وقاله عارف فهيم في غيابه وهو مريض فاصر على أن يرد له الصاع صاعين ، مضت ايام عدة ثم جاء رجل الى الشركة مبكرا جدا يطلب مقابلة المهندس جودت لم يكن احد موجود سوى عارف فهيم ، أدخلته السكرتيرة لعارف ، أقنعه الرجل انه مسئول مهم بأحد سلسلة السوبر ماركت الكبيرة بالبلد و أسمه عادل الشاعر وان المهندس جودت كان قد كلفه بأحضار نوع معين من الزبد الأمريكي المستورد لوالدته ، وأن الشحنة وصلت لتوها من الولايات المتحدة وقام الشاعر بالأحتفاظ بكمية للمهندس جودت يريد ان يسلمها له ، لكنه غير موجود بينما عادل الشاعر في عجالة من أمره ولابد من تسليمها الأن ، في البداية أشار عليه فهيم بالأتصال به من السكرتارية ، خرج الرجل امسك بالهاتف وتظاهر بالأتصال ثم عاد وقال له انه لا يرد ، و بعد حوار ودي جدا مع الأستاذ عارف تبين فيه أن الرجل على دراية جيدة بمدينة البدرشين وعائلاتها و بمجموعة شركات الدتور شامل وقدامى الموظفين بها ، شعر عارف بألفة و اطمئنان نجح الرجل ان يدخلهما عليه ، ثم أستأذن وهم بالأنصراف ، لحق به عارف فهيم عند مدخل الشركة بعد أن قرر ان يستلم العبوات مجاملة للمهندس جودت و ليكسب معرفة هذا الرجل ، فاجأه الشاعر ان العبوات ليست معه لكنها في مخزن مبرد على مقربة حتى لا تفسد ، لم يستطع الحدق التراجع فقد قرر ان يفعل ذلك وتخيل أن جودت سوف يمتن كثيرا لتصرفه هذا خاصة وانها لوالدته ، طلب عارف من أثنين من السعاة الذهاب مع الرجل لأحضار الزبدة ، ثم همس للرجل مستفسرا عن القيمة فأخبره انها ألف وخمسمائة جنيها ، عد عارف المبلغ جيدا من جيبه الخاص قبل ان يعطيه لعادل الشاعر ، كان محرك سيارة الشاعر دائرا ، علل الشاعر للسعاة ذلك بان البطارية بها مشكلة ، ظل الرجل يسير في شوارع كثيرة وجانبية يتحدث مع السعاة على انه سوف يمنحهما اكرامية كبيرة عندما يصل ، ثم طلب منهما النزول امام محل مغلق و أستأذنهما دقائق حتى يذهب يحضر المفاتيح ، نزل الأثنين ووقفا ساعة ، ساعتين ، ثلاثة ، أستبد القلق بعارف وجن جنونه ، يدخل ويخرج للمكتب في هيستيريا غريبة ، اتصل بالمهندس جودت يسأله عن أمر هذا الرجل ، كانت المفاجأة أن جودت لا يعرف شيئا عن هذا الأمر و ان والدته لا تحب الزبدة وبالذات الأمريكية لأنها شديدة الدسم!!!!!!! انهار عارف الحدق تماما و أغلق عليه مكتبه ، ابتلع الموقف حتى لا يضحك عليه الشركة ، جاء السعاة وقد انهكهما الأنتظار ، ادخلهما عارف و أغلق المكتب ليعرف منهما القصة ، نفى عارف بعد ذلك أن يكون قد دفع مقابلا للرجل حتى لا يتهم بالسذاجة التي لا تليق بمدير مالي محنك مثله، لم يكن المبلغ الذي دفعه الحدق هو الذي ألمه فقد تعرض لمثل هذه الأمور كثيرا ، لكن الموقف نفسه كان مهينا جدا له ، فمعلومات الرجل التفصيلية ودراسته الجيدة لشخصية الحدق وحسابه لردود أفعاله كانت مذهلة وكان واضحا ان أحدا قد أعطاه كل المعلومات اللازمة لأتمام المهمة بنجاح ، حار تفكيره في تحديد الفاعل الحقيقي لكن دون جدوى وبالطبع كان جودت اول المتهمين في نظره ، حاول فهيم ان يلقي باللأئمة على السكرتيرة لأنها ادخلته له ثم حاول أن يلقي بها على حسناء لأنها حضرت المقابلة في مكتبه ، كان يحاول أن يلقي بالمسئولية على شخص اخر غيره ،وفي الجلسة المسائية تحلق الخمسة الكبار مع المهندس جودت و سامي الأمير على مائدة مستديرة ووليمة كوميدية دسمة جدا يتوسطها عارف فهيم الحدق مدهونا بالزبدة الأمريكية !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق